لم أكن أعرف قبلَه ما الذي يلوّح إليه اللّونُ الأصفرُ عندما ينبري في الأفُق، عن أيّ جدائلٍ للشّمس يتحدّث، متى يروقُ لهُ النّهوضُ ومتى يَنفضّ.
لم أكن ألحظُ قبلَ أن أعرفهُ كيف يدنو ذاك اللّونُ من وجهِ الصّباح بانتظام، يتدفّقُ عبرَ مساماتِ الشُّعُورِ الأوّل، يُلامِسُ أعمقَ نُقطةٍ في القلب، ويتّخذُ مجراهُ هناك حتى يحينَ وقتُ الرّحيل.
للصّدق، لم أكن آخذُ الأصفرَ من الأشياءِ على محملِ الجدّ.. لم تكن تروقني الشّمس كما تفعل الآن، وكلّ صباح، وباستمرار!
لم يكن يملأُ عينيَّ زهرُ عبّادِ الشّمسِ كما يفتكُ الآن بي ويوقعني شغفاً، لم أكن أبحثُ عن زهرِ التّوليب الأصفر من بين حقولِهِ الملوّنةِ، وكان آخرُ ما أنتبه إليه الأثواب أو المظلّات أو أطلية المنازل المصبوغةِ به.
أمّا اليوم.. فإنّني أُلوِّنُ كلّ ما أمرّ به باللّون الأصفر، أُوصِلُ الشّمس إلى منزلها ثمّ أنطفِئ، وأصحو حينَ تصحو!
اليوم أراني أمحو اللّيلَ من قائمتي وأملؤُها بالصّباح، بالجمال والأمان!
اليوم أنتفضُ لأبحثَ عن الشّمس.. أعانِقُها، أقبّلُها، وأراكَ من خِلالها!
اليوم، أنا يا أصفرَ القلبِ أمتلِئُ بكلّ الأشياءِ الصّفراءِ التي أوّلها أنت، وآخرها الحياة.
-راما عبدربّو