كلنا خلقنا من ذاك الطين، لكنني اعتدت الجلوس تحت المطر طويلاً كي أكون أشدّ ليناً.
إن كان سيعزيك جوابي هذا على سؤالك "مم أنا مصنوعٌ" فابتسم بي.
يقولون أنّ المطر مفيد جداً لأمثالي ،لكلّ المنبوذين شعورياً عن بقية حدائق الشوك ، لكنه لشعورٌ باردٌ في الحقيقة ويسبب انقباض القلب في كلّ لحظةِ تخلي.
لا تحدثُ لي الأشياء وإنما تقتحمني.. شفافٌ أنا مهما التصق بي الليل وكلمتني النجوم.
لا أنسى وجهاً حمل لي بُغضاً ،لا أنسى كلمة أزاحت من صدري عظمة، كلُّ ألم مر بي أحدقُ به جيداً كي أرسمه بشكل صحيح في ذاكرتي .
أمي ليست آسفة على إنجابي في الشتاء لكنني آسفٌ جداً لكوني تربيت بين يدي أبي.. أبي لا يشبه هذا العالم القاس ...أبي يشبه الأشياء العجيبة الراحلة..مهما تشبثنا بها سترحل..!
أعاني في تلك المواقف الشريرة فهم جميعاً يتقنون الصراخ والشر أكثر مني بينما أنا أخاف السوء مثل أبي وابتسم للظُلّامِ بوجه أبي... فيلطموني ،يدهسوني وكم أخاف سؤالي "كم لطموك يوماً أبي..! ".
لدي والبشرية وعد زائف فقد أقسمنا لبعضنا بأن نحتملنا سوياً.!
جلستُ طويلاً عند باب قلبي أنتظرُ الملائكة، أغلقَ الجميع أبوابهم وناموا ..فحرستُهم بقلبي المفتوح ونسيتُ انتظاري للقادمين.
وفي بعض الليالي جلستُ وراقبتني نائماً، كنتُ جميلاً ،رحيماً ،كنتُ مشابهاً للأمس العتيق الذي نغفر له إن عاد بنا إلينا.
وفي بعض مواسم الأمنيات ركضتُ خارج روحي ،جلس المطر في مكاني فلم ينتبه لغيابي أيّ أحد.
ركضتُ بعيداً وحيداً ،وشممت روحي ،كم كان مقدساً أنني نفسي .. ثم توقفت ،تنهدت وعدت أدراجي.. ولم يسألني أحدٌ عما حل بي.
مملوءٌ قلبي بحبّ الله والأنبياء أيها الصحاب ،ألا تخافون خذل هذا المجلس، مدوا لي جدائل الشمس مغفرةً ،تعبت أمدُّ يديّ للسراب.♡
-فرح أسعد