هو الأدب الجنائيّ ذاته، وهو أحد أنواع الأدب الأكثر إثارة من خلال وضع قصة أو رواية بين يدي القارئ أو المشاهد تعتمد بالدرجة الأولى على تحرّي رجال البوليس واكتشافهم لملابسات جريمة ما؛ لتظهر في البداية أنها معقّدة ويتسلسل فيها الأديب تدريجياً لتنتهي كل رواية أو قصة بوليسية بإيجاد حل للجريمة أو الجناية الواقعة، ويكمن الفرق بين الأدب البوليسي والأنواع الأخرى بحل عقدة النص بضرورة استثارة الفضول وحبس الأنفاس لدى القارئ لضمان بقائه حتى النهاية ووصوله إلى حل الجريمة، ولا بد أن يتقدّم عشّاق الروايات والأفلام البوليسية بجزيل الشكر للكاتب العظيم "إدغار آلان بو" لاعتباره مؤسّس القصة البوليسية الأول سنة 184م عندما كتب قصّته (جرائم شارع مورغ).
وقد حظيَ الأدب البوليسيّ بمرحلة من التقدّم والتطوّر في أعقاب الحرب الباردة والحرب العالمية الثانية، حيث ساعدت أعقاب هذه الحروب على تغذية الرواية البوليسية بشكلٍ كبير؛ فسمح ذلك للكثير من الشخصيات من الانخراط في هذا المجال في مطلع القرن العشرين، وفق ما جاء في الموسوعة الحرّة "ويكيبيديا" .
أمّا عن (روّاد الأدب البوليسي) فقد سطعَ نجمُ الكثير من الأدباء في مجال الأدب البوليسي، إلا أن هناك بعض الأسماء التي اقترن ذكرها به، ومن أبرز هؤلاء الأدباء:
"آجاثا كريستي (Agatha Christie)" :
الروائية والكاتبة المسرحية الإنجليزية آجاثا كريستي، المعروفة باسم السيدة (مالوان)، وقد برعت أقلامها في رسم أبعاد الروايات البوليسية التي حصدت رواجاً على مر التاريخ؛ حتى تمكّنتْ من بيع ما يفوق مليار نسخة من الروايات المترجمة إلى 103 لغات على الأقل، ونظراً للمكانة المرموقة التي احتلتها بفضل أعمالها فقد تربّعَتْ على عرش الأدب البوليسيّ الإنجليزي لأكثر من نصف قرن دون نفيس، وأكثر ما ميّز رواياتها باللغة الإنجليزية أنها لم تعتمد على تلك اللغة الشكسبيرية بل أنها كانت ذات لغة مُتوسّطة يسهل على الجميع فهمها والانخراط بأحداثها.
"آرثر كونان دويل (Arthur Conan Doyle)" :
الروائيّ الأسكتلندي الكبير آرثر كونان دويل المشهور بأنه من كبار الشخصيات الفذّة في عالم الخيال الإنجليزي وأدبه، ويشار إلى أنه قد انخرط في مجال الكتابات العسكرية وخاصةً خلال الحملة البريطانية على فرنسا، كما استوحى من الجرائم البلجيكية على الكونغو أحداثاً لكتاباته.
"جورج سيمنون (Georges Simenon)" :
الكاتب والأديب البلجيكي الفرنسي جورج جوزيف كريسيان سيمنون، أحد كبار الشخصيات البارزة في عالم الأدب البوليسي، حيث تشير سطور تاريخه العريق بأنه قد تفوق على زملائه في تقديمه لوفيرٍ من الروايات التي اعتُبرَتْ الأكثر رواجاً في القرن العشرين، ومن الجدير بالذكرِ أنه قد قدّمَ الكثيرَ من الروايات التي نُشرت باسمٍ مستعارٍ له وجنى منها ملايينَ الأرباح، إلّا أن أولى رواياته التي حملت اسمه الحقيقي هي رواية ”بيتر لو لينون”.
ومن أكثر روايات الأدب البوليسي شهرةً على الإطلاق:
1_ رواية الورق على الطاولة (Cards on the Table)/آجاثا كريستي
تعتبر هذه الرواية من أكثر الروايات التي حظيَتْ بشهرة واسعة بين كافة روايات الكاتبة آجاثا كريستي المنشورة سنة 1936م، وتتمحور أحداثها حول 5 أشخاص؛ منهم 4 يحيطون بطاولة خاصة بلعب الورق أما الخامس فهو زائر يعرف باسم شيتانا، ويشار إلى أن الأخير هو الضحية التي تعرضت للغدر على يد أحد هؤلاء الأربع بظروف غامضة، وتبدأ الأحداث بالتسلسل للتعرف على القاتل والسبب الكامن خلف وقوع الجريمة، وما يثير التشويق أن كل واحد من الأربع أشخاص يمتلك مبرراً قوياً لقتل ذلك الزائر، ويذكر بأن أحداث الرواية قد تُرجمَتْ إلى مسلسل تلفزيونيّ.
2_ مغامرات شارلوك هولمز (The Adventures of Sherlock Holmes)/آرثر كونان دويل
ليس من الغريب على الكاتب العظيم آرثر كونان دويل أن يأتي بمجموعة قصصيّة مكوّنة من اثني عشر قصة قصيرة، ويُشار إلى أن جميع أجزائها قد نُشرتْ منذ بداية إطلاقها سنة 1891م في مجلة ستراند وانتهاءً بالجزء الأخير سنة 1892م، وأخيراً لجأ الكاتب إلى تجميعها في كتابٍ واحد يحمل عنوان "مغامرات شرلوك هولمز بطل القصص ال12" .
3_ شيفرة دافنشي (The Da Vinci Code)/دان براون
وتعد رواية شيفرة دافنشي للمؤلّف الأمريكيّ الشهير دان براون من الكتب المعروفة كثيراً في عالم القُرّاء أكثر من غيرها تقريباً نظراً لحداثتها واتخاذها حيّزاً كبيراً على حساب غيرها من الروايات، رأت شيفرة دافنشي النور لأول مرة سنة 2003م، ويسرد الكاتب بين سطوره أحداثاً مشوّقة جداُ حول جريمة قتل بشعة تعرّض لها أمين متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس؛ إذ تمّ العثور على جثّته بين ثنايا جناح دينون؛ وقد جاءت التسمية لشيفرة دافنشي انطلاقاً من الوضعية التي كانت قد اتخذتها جثة أمين المتحف بشكلٍ يشابه وضعية لوحة ليوناردو دافنشي مع وجود رسالة غريبة، وما أزاد الحبكة تعقيداً وجود نجمة على بطن الجثة رُسمت بدمه، ونظراً للبراعة التي قدمها الكاتب خلال كتابة الرواية فقد حظيَتْ بتصدّر المرتبة الأولى بين قائمة الروايات الأكثر مبيعاً.
كما أنّ هُناك عدّة عديدةً أُخرى من الروايات والقصص البوليسية -لكاتبات وكُتّاب مختلفي الجنسيّة- والتي تضع القارئ في أجواءٍ عظيمةٍ وخيالٍ لا متناهٍ، مثل: رواية النوم الكبير/رواية جثّة في الفندق/صاحب الظلّ الطويل/الرمز المفقود/كلب آل باسكافريل/أنتخريستوس/البومة السوداء/عقار 24/زوجتي من الجن
وقد حُوّل قسمٌ كبيرٌ من روايات الأدب البوليسيّ العريق إلى أفلامٍ مثل: "Murder on the Orient Express"/جريمة على نهر النيل/ثم لم يبق أحد/لقد قالت الجريمة/And Then There were None والكثير أيضاً من الأفلام الكبيرة الأُخرى.
كما أنّ الأدب البوليسيّ لا زال يأخذُ مجراهُ في الاتّساع والجاذبيّة والاحترافيّة حتّى الآن، وعلى مرّ العصور.